الصورة

الطيور المهاجرة

 

في مشهد يشبه الخيال، تزين الطيور المهاجرة سماء وبحيرات وأشجار حديقتنا لتبعث السعادة في قلوب زوارنا كل عام! اتخذت هذه الطيور حديقة الحيوانات بالعين مستقرا أخيرا لها في رحلتها بعد أن قطعت كيلومترات طويلة وبحار واسعة لتجد الأمان هنا في مختلف تضاريس حديقتنا. بدأنا دراسة الطيور منذ عام 1989 وذلك بهدف تصنيف ومعرفة أنواع الطيور المهاجرة التي اتخذت حديقتنا موطنا لها، حيث تم وضع خطة عمل لحماية هذه الطيور وتوفير البيئة المناسبة لها، بالإضافة إلى تعزيز الوعي الثقافي بأهميتها وتأثيرها الإيجابي على التنوع البيولوجي في الدولة. وفي العام ٢٠١٧ عمل فريق صون الطبيعة على دراسة تكميلية والتي تكللت بالنجاح ونتج عنها العديد من الملاحظات والاكتشافات القيمة. 

  

تبدأ الطيور المهاجرة بالتوافد في مختلف الأماكن في الدولة في شهر سبتمبر كل عام لتصل لذروة أعدادها في شهر فبراير، تختار بعض هذه الطيور البقاء في البلاد لمدة بين ثلاث إلى خمسة أشهر يعود ذلك لأن الإمارات يعتبر موقعاً بيئياً حيوياً وممراً هاماً للطيور المهاجرة القادمة من النصف الشمالي والمحيط الهندي بالإضافة إلى أسراب الطيور المتنقلة ما بين الشرق الأدنى وشبه القارة الهندية. 

  

تواجه الطيور المهاجرة ضغوطا متزايدة على طول رحلتها وتحديات قاسية. فعلاوة على قلة الموائل الطبيعية والموارد، تتعرض الطيور للقتل غير المشروع، أو الصيد للتجارة، حيث يستخدم الصيادون معدات صيد حديثة مما يجعل فرص نجاة الطيور المهاجرة في انحدار والذي يؤثر بشكل سلبي على بيئتنا والتنوع البيولوجي من حولنا. 

  

وبهدف حماية هذه الطيور، دأبت حديقتنا على دراستها ومراقبتها بشكل دوري، خصوصا المتواجدة بأعداد كبيرة في البيئة الإماراتية والمهددة بالانقراض، وجاءت نتائج هذه الدراسات لتؤكد أن الحديقة بيئة جاذبة وحاضنة للطيور المهاجرة وتساعد في تنوعها وتكاثرها واستيطانها الموسمي، وقد بلغ عدد الطيور التي تم رصدها في الحديقة حتى الآن 113 نوع مختلف منها 20 ٪ مقيمة و 53٪ مهاجرة و ٩٪ من الطيور الدخيلة و ١٨٪ طيور أخرى. ويقوم فريق صون الطبيعة في حديقتنا بالتعاون مع خبراء الطيور بمراقبة حركة هذه الطيور المهاجرة وملاحظة أعدادها وأنواعها ومدة إقامتها ومقارنتها بنتائج دراسات أخرى في مجال هجرة الطيور. كما لاحظ فريق صون الطبيعة بأن أعداد الطيور تتزايد من شهر سبتمبر حتى شهر مارس وتم رصد خمص أنواع جديدة في الحديقة خلال العام الماضي.    

  

كما يعمل فريقنا على توفير البيئة المناسبة والتضاريس الجاذبة للطيور مثل الأشجار والحشائش والبحيرات الصناعية المتواجدة في سفاري العين، والتشكيلات الصخرية التي تحاكي حقيقة البيئة الأفريقية، وذلك لحرصنا الدائم على التنوع والتوازن البيولوجي. وقد أثبتت الدراسات الميدانية خلال الأعوام الماضية ارتفاع أعداد الطيور التي اتخذت الحديقة محطة لها سواء لتقيم فيها أو لتمضي فيها وقت هجرتها. 

  

قد تتساءل كيف يمكن أن أساعد؟ أو هل يمكن أن أؤثر تأثيرا إيجابيا على التنوع البيولوجي؟ وهل من الممكن أن أجعل هجرة هذه الطيور أكثر أمانا؟ نعم يمكننا جميعا أن نساهم بشكل فعال! قم بجعل بيئة حديقة منزلك بيئة جاذبة للطيور وحافظ على تنوعها لتماثل موائل الطيور الطبيعية، كما يمكنك تجنب قطع أغصان الأشجار في فترات التكاثر، ووضع الماء وحبوب الطيور النظيفة لتجنب نشر الأمراض بين الطيور. بالإضافة إلى ذلك، تجنب استخدام المبيدات الحشرية والمواد السامة التي قد تؤثر سلبا على البيئة، ولا تتردد بالإبلاغ عن أي تعديات أو عمليات صيد جائر، مع أهمية الالتزام بالقوانين ومحاربة الاتجار غير الشرعي. وأخيرا، شارك حبك للطيور مع العائلة والأصدقاء وانشر الوعي بأهمية هجرة الطيور وتأثيرها على التنوع البيولوجي. لا تنس أن تزور حديقتنا لتشاهد هذه الطيور وهي تستمتع بكل حرية!