تخيل أسراب من الببغاوات الملونة تزين زرقة السماء محلقة بسعادة وحرية تامة في عرض استثنائي لتفرد جمالها. إنها الصورة التي يمكن أن نغمض أعيننا لنتخيلها اليوم رغم أنها كانت واقع كوكبنا الجميل قبل سنوات طويلة! أسرت الببغاوات قلوب البشر منذ آلاف السنين لتصبح رفيقاً دائما للكثيرين، فهي معروفة بذكائها وعاطفتها وقدرتها على التقليد، ولا ننسى طبعاً جمالها وجاذبيتها. ولكنها لم تكتفِ بغزو قلوب البشر فحسب؛ فقد اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي لتصبح نجما لطيفا يبحث عن مقاطعه المسلية الكبار قبل الصغار، ولكن بالتأكيد لدى القطط رأي آخر دائما في هذا الموضوع!  

إن عائلة الببغاوات كبيرة جداً فهناك أكثر من 350 نوعاً مختلفاً؛ منها: الببغاوات الصغيرة التي لا يتجاوز طولها 8.7 سنتيمتراً بينما يصل طول بعضها إلى 100 سنتيمتراً، كما أن وزنها قد يتراوح ما بين 64 جراماً إلى 1.6 كيلوجراماً. هل تعلم أن أصغر الببغاوات من حيث الطول هو الببغاء القزم وأكبرها يدعى الببغاء الأزرق الياقوتي؟ كما يتميز الكاكابو بأنه أثقل الببغاوات وزناً، كاكابو اسم غريب ومرح أليس كذلك؟ رغم هذه الاختلافات إلا أن الببغاوات تشترك في بعض السمات التي تميزها عن غيرها من الفصائل مثل المنقار المعقوف، وترتيب أصابع القدم الفريد الذي يجعلها نجم التسلق دائماً.   

بمجرد النظر لأي من الطيور يمكنك أن تعرف ما إذا كانت تنتمي لعائلة الببغاوات، وذلك لأن خصائصها الخارجية مميزة للغاية، فهيأتها اللطيفة هي نتيجة قصر عنقها مقارنة بضخامة أجسامها وأجنحتها الطويلة والمستديرة. كما يتميز الكثير منها بأذيال خلابة والتي لا تتوانى عن التباهي بها أمامك أو في السماء وهي محلقة. علاوة على ذلك، يعتبر ترتيب أصابع أرجل الببغاء من السمات الفارقة التي تميزه عن باقي الطيور، حيث يشير إصبعان إلى الأمام وإصبعان إلى الخلف مما يجعل قبضتها قوية ومحكمة. تعيش هذه الطيور الجميلة من 10 إلى 60 عاماً في المتوسط وتختلف هذه الفترة باختلاف الأنواع، كما أن هناك بعض الببغاوات التي تصل أعمارها إلى 80 عاماً.  

تستوطن الببغاوات المناخات الدافئة في الغابات المطيرة والأراضي العشبية والجبال، كما يمكن إيجادها في بعض المناطق الباردة. ومثل الكثير من الحيوانات، يؤثر موطن الببغاء على سلوكياته واهتماماته وحتى شكله. فعلى سبيل المثال، تستخدم الببغاوات التي تستوطن المناطق الخالية من الأشجار الصبار وتلال النمل الأبيض لبناء أعشاشها، كما تكيفت بعض الببغاوات لتنام رأساً على عقب مختبئة وراء أوراق الشجر الكبيرة خوفاً من الحيوانات المفترسة ليلاً، كما لوحظ مؤخراً بأن الكثير من الببغاوات استطاعت التأقلم في مناطق خارج موائلها الطبيعية مثل الببغاء الراهب، فبعد هروبها أو إطلاقها من قبل مالكيها تكاثرت في المناطق المجاورة حتى أصبح بعضها مُهدِداً للنظام البيئي المحلي.  

لا صخب أكبر من صخب الببغاوات، فخلال طيرانها الدائم للبحث عن الطعام تستطيع سماعها وهي تصرخ بشكل مستمر، حيث يعد الصراخ الأداة الوحيدة التي تبقيها على تواصل. وقد لوحظ أن علو صوت الببغاء يتناسب طردياً مع حجمه، فكلما كان الببغاء أكبر حجما كلما كان صراخه أعلى. هناك أيضا بعض الببغاوات الصغيرة التي تمتاز بأصوات عذبة وتغريدات فريدة، ولكن ما سبب هذا التفاوت؟ تعد هذه التغريدات والصرخات دعوات مختلفة للإعلان عن حالتها المزاجية ولتبادل المعلومات المختلفة، حيث تتناقل الببغاوات مواقع الطعام مع أفراد أسرابها الكبيرة والتي قد تتعدى 1000 ببغاء لتضرب لنا هذه الطيور أكبر مثال للعمل الجماعي، ألا تعتقد ذلك؟  

أكثر من ربع أنواع الببغاوات مهددة بالانقراض اليوم، وأكبر مثال على ذلك ببغاء الكاكابو الذي لم يتبقى منه سوى 150 منها فقط، والببغاء ذو البطن البرتقالي الذي لم يتبقى سوى 50 منها فقط... والقائمة تطول. يرجع هذا الانخفاض إلى تدمير الموائل وإزالة الغابات وتجارة الحيوانات الأليفة. إن اقتناء الببغاوات وتربيتها أمر محبب للكثيرين مما دفع التجار غير الشرعيين لاتباع أساليب الربح السريع بالإمساك بالببغاوات وتدمير مواطنها ثم الاتجار بها بطرق مرعبة لمشترييها الجاهلين عما عانته هذه الطيور للوصول إليهم، حيث أنه وللأسف الشديد في منتصف عملية الاتجار يموت الآلاف من الببغاوات سنوياً.   

من الجانب المشرق، هناك العديد من الجهود للمحافظة عليها والتي بدورها تساهم في حماية ووقف الاتجار غير المشروع للحيوانات والذي من شأنه المساعدة في الحفاظ على ما تبقى من هذه الببغاوات، تأكد عند زيارتك القادمة لنا أن لا تفوت لقاء ببغاواتنا الجميلة في عرض الببغاء الرائع، حيث ستندهش بالتأكيد من موهبتها الفذة وذكائها المدهش ولطافتها المفرطة