لقد تميز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله بفكر مستنير في الحفاظ على الحياة البرية باعتبارها كنز طبيعي وثروة لم يدخر جهداً للحفاظ عليها، لذلك بزغ اهتمامه بالحياة البرية مع فجر حكمه لمدينة العين في ستينيات القرن الماضي، من مبدأ يستهدف تحقيق التوازن بين التنمية والبيئة، والحفاظ على حق الأجيال المتعاقبة في التمتع بالحياة، في بيئة نظيفة وصحية وآمنة.
أكسب الاهتمام بالقضايا البيئية دولة الإمارات العربية المتحدة شهرة عالمية ومكانة دولية مرموقة، خاصة في ميادين حماية الطبيعة ومكافحة التصحر، وتنمية الحياة البرية والبحرية، وإنشاء المحميات الطبيعية، وتشجيع ودعم الأبحاث المحلية والعالمية للحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض مثل المها العربي والنمر العربي وأبقار البحر والسلاحف الخضراء، وكذلك البرامج المتقدمة باستخدام أحدث التقنيات لإكثار الطيور البرية ومن بينها الصقور والحبارى.
وقد حصلت دولة الإمارات العربية المتحدة على العديد من شهادات التقدير والجوائز من المنظمات العالمية والإقليمية تقديراً لجهودها المتميزة في ميادين الحفاظ على البيئة وتنميتها. كما تم اختيارها مقراً للأمانة العامة للهيئة التنسيقية للصندوق العالمي، للحفاظ على الطبيعة لصون المها العربي، وكذلك تم اختيارها في العام 2000 لمنصب رئاسة جماعة السلاحف البحرية لمنطقة غرب المحيط الهندي التي تتبع الاتحاد العالمي لحماية الطبيعة، وذلك تقديراً لدورها في مجال حماية الأنواع المهددة بالانقراض من السلاحف البحرية.
رحل زايد ولكننا ما نزال نثمن اهتمام سموه رحمه الله ببيئتنا وإبقائه على إرثنا العظيم، فجاء إنشاء مركز الشيخ زايد لعلوم الصحراء، منارة العلم والثقافة البيئية، ومرجع المهتمين والمختصين ومحبي الحياة البرية والحفاظ عليها وصونها من كل أنحاء العالم، وما زلنا ماضين في نهجه بقيادة ودعم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وبرعاية واهتمام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي.
حكايتنا مع زايد لا يتسع لها الحبر والورق، ولكن أذهاننا لا شك تتسع لفكر واع وإرث غال خلفه لنا حكيم العرب، ولن ننسى مقولته الشهيرة: "إننا نولي بيئتنا جل اهتمامنا لأنها جزء حيوي من بلادنا وتاريخنا وتراثنا، لقد عاش آباؤنا وأجدادنا على هذه الأرض وتعايشوا مع بيئتنا في البر والبحر، وأدركوا بالفطرة وبالحس المرهف الحاجة للمحافظة عليها وأن يأخذوا منها قدر احتياجاتهم فقط، ويتركوا منها ما تجد فيه الأجيال القادمة مصدراً ونبعاً للعطاء."